ظباء في الجزيرة الخضراء..بقلم / نعيم كمو أبو نضال



 ظباء في الجزيرة الخضراء

أعود كلما فاضت بيَ الذكريات أدراجي
. لأستعرض البنى الفوقية والتحتية إلى جزيرتي
لست ُ الوحيد القاطن فيها
جزيرة متنوعة الكائنات متعددة التضاريس
فيها الجبل الشامخ
هضاب لا حصر لها
تلال متكئة على بعضها, وديان وأنهر وبحيرة
لا ينضب معين المياه
رياح تهب حزينة على ماضي العصور
غيوم تغطي سماء تلك الروابي
والمروج المعشوشبة
تفترش سفوح الروابي
طيور بشتى الأنواع
متعددة الألوان
بزوغ الشمس يشق طريقه بين فجوات الهضاب
وشروقها يشع كخيوط تتدلى متراخية
فوق الجوزاء
أنا وكوخي
نطل من أعلى السفوح
ألقي نظرة على مسار جزيرتي
هناك أميرة وأوراقها تتناثر بين ثنايا التلال
ومُعُز ِ الجبل تتهادى بين أدراج الهضاب
في الجانب الآخر أم عودتني على إطلالتها
ووردة حمراء تشرق وتغيب
وبين السهول المخضرة
,سهيل ٌمرسومة لوحاته
لوحات
تتحرك بين أصابعه الرائعة المتلونة
وهو رديف للفهيم
وصديق للتنوع
بين مربعات الأودية الخضراء يسرح راعٍ
بطليانه والظباء تلتف حول بعضها
مددت نظري على مساحة الجزيرة
لمحت ُ الشروق يلامس سطح البحيرة
بدأت أتحاور معه
تعود على ذلك وبدأ إطلالته
نقلت كوخي إلى أسفل الوادي
نصبتُ خيمتي وأعمدتها من عيدان أشجار الجزيرة
صنعت من نسيج خيالي حورية
وسمَّرْتُ قاربي بمسامير خشبية
وأطلقت العنان لمركبي
وعلى قد حجم طاقة الشروق تتابعت
.وها قد بدأ الأفول يأخذ منها
رحلت بخيمتي تاركا كوخي والشمس الوقادة تحرسه
شرع الغسق يغازل الضياء وسيطر الظلام على كل شيء
واختفى الشروق
كيف أكتب بدون نور يقودني ,
فجأة طل البدر بضيائه الفضي
رسم لوحة سندسية الألوان
ترك في نفسي انطباعاً
وشرعتْ طيور الليل تغرد
تحركتْ أسراب أفكاري ولمحتُ في وجه القمر
صورة الشمس تمدني بالطاقة
وانسابت جداول الغزل مع الشمس
تعالي أيتها الشمس نستمع لأصوات العنادل وخرخرة المياه
المتساقطة من السفوح
تشكل جداول مياه
وقطعان الظباء تنهل منها
وأنا والشمس نغازل الظباء وأصوات خرير الجداول تشكل سمفونية
الربيع
وردة تطل بين حين وآخر
ألغيتُ رحلتي نحو الشرق ونسيت اسم شهريار
وبعد جولتي الطويلة لمحتُ بنيانا ً يشبه غرفة
لا أدري من بها
ولجت ماذا أرى
صبايا وصبية يتحادثون
وكأنها لغتنا الآرامية
والآكادية
وحفيدتهما العربية
ركنت هنا وتعودت بعد نسيان لغة الحوار
أريكة متعددة الألسن
والصبايا يغزلن الكلمات باصوات تشنف الأذان
بقيتْ الشمس تنشر ضياءها فوق الجزيرة
حاولتُ إيلاجها معي
ْترددت
وقالت دعني بعيدا عنكم أشرق وارسل الدفء لكم
وحين يهدأ أوار الحر
وتنعتق القيود
معي المزلاج
وأنا الشمس بشعاعي أستطيع الدخول
وأنا لست منفردة
أنا شمسكم
وسأبقى أنير دربكم
الأرض بحاجة للدفء
والحياة لا تستمر دون الشمس
ولستُ بخيلة
حرتُ وساقتني الأقدار
ان أكون جليس بين الطبيعة
ما أروعك ِ أيتها الجزيرة الخضراء
بديعة أنت بشمسكِ وجبلك ِ وظباؤك ِ
وأميرتك ِ وورودك ِ وأم الوردة وشقائق النعمان الحمراء
تنبسط فوق أرضكٍ
استخلصتُ من جولتي
أنْ لا حياة بلا شمس ٍ أو قمر أو مملكة الأنس
بلا آفاق وبلا بحار ووديان
بلا طيور
كلنا ندور معها
إلى لا نهاية
ما أبدعكَ أيها الكون
تحيتي ومحبتي
نعيم كمو أبو نضال

إرسال تعليق

أحدث أقدم